بقلم : الدكتور يحيى الشامي
إطلاق صفة الجمع بصفة الواحد، والعكس أيضاً:
ويلحق بالبابين السابقين اللذين هما: إطلاق الواحد والمُراد الجمع، وإطلاق الجمع والمُراد الواحد أو الاثنان، يلحق بهما باب ثالث هو: إطلاق صفة الجمع بصفة الواحد كما في قوله تعالى :“وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا” (سورة المائدة، ٦).
والمهم في هذه الجملة المعطوفة على ما سبقها من قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ” (سورة المائدة، ٦)، أنّها تضمّنت لفظة ” الجُنُب” والجُنُب لغةً :هي صفة الذي أصابته الجنابة، أي النجاسة، وهي تُقال للواحد والمثنّى والجمع مذكراً ومؤنثاً.
أيضاً قوله تعالى: “وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ”(سورة التحريم،٤).
فلفظ “ظهِير” هنا صفة بمعنى “ظُهُراً” أي أعوان في نصره، والكلام مسوق للمبالغة في النصر[1].
أمّا بالعكس، وهو إطلاق صفة الواحد أو الاثنين بصفة الجمع، فإنّ منه قولهم:” هذه أرض سباسب” والمُراد سبسب واحد، والسبسب هو ،أو هي المفازة، والأرض الفلاة، والبقعة المتَّسعة البعيدة.
وإنّ منه أيضاً قولهم: “امرأة ذات أوراك و مآكم” أي ذات وركين ومأكمتين، مثنّى كلّ من ورك ومأكمة. والوِرك أو الوَرك في اللغة: هو ما فوق الفخذ كالكتف فوق العضد. أمّا المأكمة فهي العجيزة أي المؤخرة من البدن.
وإنّ منه أيضاً قولهم : ” ثوبٌ أهدامٌ” و” قميصٌ أخلاقٌ”.
قال الشاعر من الرجز: شراذم يضحك مني التواق جاء الشتاء وقميصي أخلاق [2]
المصادر:
[1] تفسير القمي، ٥٦٠.
[2] المزهر في علوم اللغة، للسيوطي، ٣٣٣/١.