شعر: حسن بعيتي.(*)
نوراً شهدناكَ لمّا شاءك اللهُ |
يا مُطلِعاً ألفَ فجرٍ من سجاياهُ |
يا مُفرَد الحُسن لا نِدٌّ ولا شبَهٌ | ودونك الخلق أندادٌ و أشباهُ |
يا موعداً في ضمير الدهر أنجزهُ | فكانَ أكرم ما جادت عطاياهُ |
فجرٌ لمكّة وافى يومَ مولدهُ | والكونُ في رعشةٍ يهتزُّ جنباهُ |
حتى تفتَّح بدْلاً من كمائِمهِ | وفاض بحرُ ضياءٍ من مُحيّاهُ |
الأربعون، كرومُ الغيب ناضجةٌ | تُطيلُ فيها خشوع الفكرِ عيناهُ |
كنقطة النور إذ في الغار مُنفرداً | يشعُّ قلبٌ كلامُ الوحي يغشاهُ |
لطيفُ سِرٍّ من الرّحمن تشربُهُ | نفسٌ تشِفُّ لهُ ما شفَّ معناهُ |
كأنّها الكأسُ تجلوهُ فيحجُبُها | لطافةً تُم يُعطيها مزاياهُ |
ترقُّ للوحي جَنْياً من لطائفهِ | رشفَ الوليد وقطْفاً من خباياهُ |
آيات حقٍّ إذا تُلقى على جبَلٍ | لَصدَّعتْهُ خُشوعاً حيث تلقاهُ |
وما مُحمّدُ إلا سرُّ خالقهِ | يُحاولُ الدّهرُ أنْ تُجلى خفاياهُ |
كأنّما الشمس خلف الغيم قائلةٌ | إنّ الحجاب الذي أخفاهُ أبداهُ |
وقدَرُهُ ما يشاءُ اللهُ من شرفٍ | إذا على خيرِ نفسٍ أنعمَ اللهُ |
براهُ مكتملاً من كلِّ مكرمةٍ | كأنّه كانَ يُعطى ما تمنّاهُ |
كم فلسفوا الشِّرك حتى صار ملتبِساً | لكنّه بعُرى التوحيدِ عَرّاهُ |
وراودوه عن الإسلام فانكسروا | بسيفِ عزمٍ صليلُ البرقِ حَدّاهُ |
ومَن يكنْ منْ قفير النور معدنُهُ | تصاغرَ المُلك في عينَيهِ والجاهُ |
وكيف يختارُ دنيا لا بقاء لها | مَنْ خصّه بسنامِ العزِّ مَولاهُ |
أمدّه الله جيشاً منْ عنايته | فكيف لا تملأ الدنيا سراياهُ |
أوهى البيوت حمتْهُ من مكائدهم | وعُشُّ ساجعةٍ بالباب ترعاهُ |
وسار في الأرض نوراً حيثما نظرتْ | عيناهُ أو أغدقَت بالخير كفّاهُ |
ولو تمثّلَ أهل الأرض رحمته | لعَمَّهمْ من نعيم العيش أصفاهُ |
وجاء بالحب ديناً حين ألزمهُ | أن لا يكونَ عليهم فيهِ إكراهُ |
وكان ميزانَ عدلٍ رأيُ حكمته | إذا طغى ظالمٌ في الناس أمضاهُ |
و لا تنعَّمَ ذو جورٍ بباطله | ولا تردد ذو حقٍّ بشكواهُ |
والظلمُ ظلمةُ قلبٍ خاب حاملُهُ | فإن أفاء لنور العدلِ أحياه |
(*)من مشاركته في مهرجان الصادقَين ( عليهما السلام) الشعري الخامس.